Menu

من "اجتثاث حماس" الى "الهزيمة النكراء".  الصفقة خشبة خلاص لإسرائيل      

حمدي فراج

حمدي فراج

خاص - بوابة الهدف

 

كتب حمدي فراج*

كان لا بد من نص واضح و صريح لوقف اطلاق نار شامل في غزة ، تتمسك به حماس ممثلة لبقية الفصائل ، نص لا يحتمل اللبس او إساة الفهم او احتمالية التفسير او إمكانية التأويل ، صحيح ان الفلسطينيين عموما مروا بتجارب نصوصية مريرة ، أهمها اتفاقية أوسلو المريعة و المروعة ، وقبلها قرار 242 الذي نص على انسحاب من أراض محتلة ، بدلا من الأراضي المحتلة.

السؤال الذي يدور على ألسنة العارفين و الفاهمين من الأصدقاء والاعداء على حد سواء : ما الذي يدفع حماس للموافقة على نص منقوص مشبوه ملغوم بعد مضي سبعة أشهر من الحرب الابادية التدميرية التجويعية بجيش إسرائيل القوي العرمرم (360 ألفا من الاحتياط)المصفح بالجيش الأمريكي و النأي العربي ، للقضاء على حماس (إجتثاث) في برهة لا تتجاوز عدة أسابيع ، و ها هي اليوم تدخل شهرها الثامن ، و كتائب حماس القسامية ما زالت توقع فيمن من تبقى من الجيش العرمرم عديد القتلى و الجرحى . خلال هذه المدة الاستثنائية في كل حروب إسرائيل ، انتقل  نتنياهو للتحدث التلقائي من النصر المطلق والاجتثاث ، الى تحذير حكومته و مجلس حربه من "الاستسلام لشروط حماس يعني انتصارها و هزيمة إسرائيل" ، سموترتش حذّره من ان يرفع "الراية البيضاء" امام السنوار .

الوضع الداخلي في إسرائيل الذي يتجاوز مظاهرات ذوي المحتجزين ، الى مظاهرات ذوي الجنود المقتولين ، الى الحريديم ، الى حكومة يأتي تأمين بقائها من أكثر ما يهدد نسيج مجتمعها (بن غفير و سموترتش) ، و يأتي انهزامها من مجلس حربها الذي تم تشكيله مع بداية الحرب لتحقيق أهدافها بإعادة المخطوفين واجتثاث حماس . الصفقة ستعيد هؤلاء المخطوفين ، بمعنى انها ستحقق 50% من اهداف الحرب ، و هذا افضل من تحقيق صفر اهداف في حالة قتلهم .

الخلاف الأمريكي الإسرائيلي ، صحيح انه مؤقت او طاريء ، لكن نبتته في أرض بكر قد غرست ، و لسرعان ما ستنمو و تكبر ، الصفقة ستحد من هذا الخلاف ، و لسوف تساعد في وقف الاحتجاجات الشعبية و الطلابية الجامعية ،

الخلاف الأمريكي العربي ، يتعمق طرديا مع إطالة عدم توقيع الصفقة ، والعكس صحيح ، سيتبدد ، بل ستقترب السعودية من الاعتراف بإسرائيل ، ما كتبه الصحفي الشهير توماس فريدمان لإسرائيل : إما رفح و إما الرياض .

بقية الجبهات ، اسند أمرها حسن نصر الله لحماس ، في اليمن التي اعلن انصار الله هناك انهم سيستهدفون البحر الأبيض بعد الأحمر . الصفقة ستوقف هذا القتال الاسنادي ، و قد تعود الحياة الى بلدات الشمال الحدودية .

أما المتباكون من اهل البيت على الأطفال و الأبرياء ، واضعين مسؤولية حياتهم على حماس خصوصا و المقاومة عموما ، فهؤلاء و كأنهم يبرئون الوحش الابادي من جرائمه التي سيواجهها عاجلا ام آجلا في المحاكم الأممية ، و هم في الحقيقة يبكون على انفسهم التي جللها عار ما ارتكبوه بحق شعبهم ووطنهم عندما  ظلوا يتفرجون و ينتظرون "اجتثاث" حماس  ثمانية أشهر .

ومن يدري ان تأتي المقاومة في المرة القادمة ، و من باب رد الوفاء بالوفاء ان تطالب بضرورة اطلاق سراح ألفي طالب امريكي اعتقلوا على خلفية احتجاجاتهم ضد إسرائيل .

*كاتب فلسطيني